
هل يُعتبر الذكاء الاصطناعي حليفًا أم تهديدًا للعاملين في المستقبل؟
Par Doha Daffi
Gestionnaire QHSE
Posté le: 12/05/2025 17:04
الجزء 1: الذكاء الاصطناعي كحليف لتحسين بيئة العمل وتطوير المهارات البشرية
لقد ساهم الذكاء الاصطناعي في تغيير طبيعة العمل داخل العديد من القطاعات، مثل الطب، والصناعة، والتعليم، والخدمات. من خلال أتمتة المهام الروتينية أو المعقدة، أصبح بإمكان الموظفين التركيز على مهام أكثر أهمية تتطلب التفكير والتحليل. فمثلًا، تقوم الروبوتات الذكية وخوارزميات التعلم الآلي بالتعامل مع بيانات ضخمة بسرعة ودقة تفوق القدرات البشرية، مما يوفّر الوقت ويقلّل الأخطاء.
كما أدّى الذكاء الاصطناعي إلى خلق وظائف جديدة في مجالات مثل تحليل البيانات، تطوير الأنظمة، وأخلاقيات التكنولوجيا، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام من يمتلكون مهارات رقمية حديثة. وهنا يظهر الدور الكبير للتدريب المستمر، الذي يساعد الموظفين على التكيف مع هذه التقنيات بدل أن يُستَبعدوا بسببها.
وبالتالي، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يشكّل فرصة لتعزيز المهارات البشرية وتطويرها، شرط أن يتم اعتماده ضمن استراتيجية مدروسة تهدف إلى دعم الإنسان، لا استبداله.
الجزء2 : تهديد حقيقي للوظائف، المهارات، والصحة النفسية للموظفين
رغم الإيجابيات العديدة، لا يمكن تجاهل المخاطر التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل. فالكثير من الوظائف، خصوصًا تلك التي تعتمد على المهام المتكررة، أصبحت مهددة بالزوال بسبب الأتمتة. ووفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن يختفي نحو 83 مليون وظيفة بحلول عام 2027، وهو ما قد يؤدي إلى اتساع الفجوة بين العاملين المهرة وغير المهرة.
من ناحية أخرى، تخلق أنظمة الذكاء الاصطناعي نوعًا جديدًا من التبعية؛ فكلما اعتمد الإنسان على الآلة في التفكير واتخاذ القرار، تضعف قدراته الذاتية. هذه الظاهرة تؤدي إلى ما يمكن تسميته بـ "ضمور المهارات البشرية"، حيث يفقد الفرد تدريجيًا القدرة على التحليل، الإبداع، والتفكير النقدي. كما أن الاعتماد المفرط على الآلات يجعل الموظف أكثر عرضة لفقدان السيطرة في حال تعطّلت التكنولوجيا أو واجهت خطأ غير متوقّع.
بالإضافة إلى ذلك، تشير دراسات حديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للموظفين، من خلال فرض أنظمة رقابة صارمة، وتقييم الأداء آليًا، مما يسبب التوتر، القلق، وانعدام الشعور بالأمان الوظيفي.
بدلاً من اعتبار الذكاء الاصطناعي تهديدًا مباشرًا للقدرات البشرية، يجب النظر إليه كفرصة لإعادة صياغة دور الإنسان داخل بيئة العمل. إن وُضِعت ضوابط واضحة، وتم التركيز على تأهيل الموظفين وتطوير ثقافة العمل، يمكن أن تمثّل هذه المرحلة تحوّلًا إيجابيًا. ليس الهدف أن تحل الآلة محل الإنسان، بل أن تعزّز ذكاءه وتدعمه، مع الحفاظ على جوهر دوره الإنساني في الإبداع، التفكير، واتخاذ القرار.