
إلى حظر الطائرات الخاصة والرحلات القصيرة: هل هو تحول قانوني نحو التقشف المناخي؟
Par Maryam EL-JOULALI
Responsable RSE
Htel Byblos
Posté le: 09/05/2025 12:46
أصبح الأثر البيئي للطيران اليوم موضوعًا يناقش بشكل متزايد في إطار القضايا المناخية العالمية. على وجه الخصوص، أصبحت الطائرات الخاصة والرحلات القصيرة محورًا لمقترحات تشريعية تهدف إلى تقليل تكرارها، وذلك من منطلق العدالة المناخية. وتسلط القرارات السياسية الأخيرة والمقترحات التشريعية في فرنسا الضوء على الإرادة في تقليص هذه الممارسات بشكل جذري، حيث يتم اعتبارها مدمرة بشكل خاص للبيئة. السؤال الذي يطرح اليوم هو: هل يمكن أن يشكل هذا الاتجاه نحو تنظيم أكثر صرامة للطائرات الخاصة والرحلات القصيرة خطوة أولى نحو إرساء حق في التقشف المناخي في فرنسا؟
أولًا: الطائرات الخاصة والرحلات القصيرة: بصمة بيئية غير متناسبة
تنتج الطائرات الخاصة، مثل الرحلات الداخلية قصيرة المدى، بصمة كربونية ضخمة لرحلات كان يمكن في كثير من الحالات أن تُنفذ بواسطة القطار أو وسائل نقل أخرى أكثر صداقة للبيئة. وفقًا لدراسة نشرت في نوفمبر 2024، فإن الطيران الخاص يمثل حوالي 2 إلى 3 % من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وهو رقم غير متناسب مع عدد الأفراد الذين يستخدمون هذه الخدمات. في فرنسا، هناك خطوط مثل باريس-ليون أو باريس-بوردو لا تزال تُخدم بالطائرات الخاصة رغم أنها يمكن أن تُغطي بالقطار في أقل من ساعتين. وقد أشار تقرير من منظمة "غرينبيس" إلى أن هذه الطائرات تطلق عشرة أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالرحلات التجارية على نفس المسافة لكل راكب، وحتى خمسين مرة أكثر من رحلة قطار متوسطة. في عام 2023، كانت نحو نصف الرحلات المنفذة لمسافات أقل من 500 كم، وهو سلوك مضر بشكل خاص بالمناخ.
ثانيًا: المبادرة التشريعية والسياسية في فرنسا: اتجاه نحو التقشف المناخي
في فرنسا، أصبح هذا الموضوع أكثر أهمية منذ عام 2023. حيث قدمت الحكومة عدة مشاريع قوانين تهدف إلى تقليل الرحلات الداخلية القصيرة، بما في ذلك الرحلات بالطائرات الخاصة. في خريف 2024، تم تقديم مشروع قانون في الجمعية الوطنية يهدف إلى حظر الرحلات القصيرة بالطائرات الخاصة في إطار التزامات فرنسا المناخية. يسعى هذا المشروع إلى الحد من هذه الرحلات، مع تشجيع استخدام وسائل النقل الأكثر استدامة، مثل القطارات ووسائل النقل العامة.
كما تم تنفيذ تدابير محلية أيضًا للحد من التأثير البيئي للرحلات. على سبيل المثال، أعلن مطار بوردو-ميرينياك في عام 2025 عن قيود على الرحلات الليلية، حيث تم حظر الطائرات الأكثر ضوضاءً بين الساعة 10 مساءً و6 صباحًا، بهدف تقليص حركة المرور الليلي بنسبة 5% بحلول عام 2026. هذه المبادرات تظهر إرادة متزايدة لتنظيم قطاع الطيران بشكل أفضل مع الأخذ في الاعتبار القضايا البيئية.
ثالثًا: القضايا الاجتماعية والاقتصادية لحق التنقل المستدام
إن النقاش حول الطائرات الخاصة والرحلات القصيرة ليس فقط نقاشًا بيئيًا. بل يثير أيضًا أسئلة حول العدالة الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، تكشف الطيران الخاص عن عدم توازن صارخ: حيث يستفيد الأثرياء من وسيلة نقل ملوثة، في حين تواجه الطبقات الشعبية والمتوسطة زيادة مستمرة في أسعار الطاقة والمنتجات الغذائية.
وقد تزايدت الحركات الشعبية في فرنسا. ففي أبريل 2023، جرت العديد من الاحتجاجات البيئية التي طالبت بتقليص فوري للطائرات الخاصة، مع مطالبة بتوفير بدائل حقيقية لتنقل أكثر عدلاً واستدامة. وقد تم الدعوة إلى فرض ضرائب على انبعاثات الطيران الخاص ومنع بعض الخطوط الجوية الداخلية للحد من هذه الظاهرة التي تُفاقم عدم المساواة المناخية.
رابعًا: إمكانية التحول إلى حق في التقشف المناخي؟
تُظهر التطورات التشريعية والاجتماعية الأخيرة في فرنسا فيما يتعلق بالطائرات الخاصة والرحلات القصيرة تحولًا كبيرًا في النهج نحو حق التنقل المستدام. بدأت فكرة "حق التقشف المناخي" في الظهور، مع سياسات عامة تهدف إلى الحد من السلوكيات الملوثة، وخاصة من قبل النخب الاقتصادية. تم تسليط الضوء على تدابير تهدف إلى تقليل الرحلات بالطائرات الخاصة الملوثة بشكل كبير في إطار الأهداف المناخية لفرنسا. علاوة على ذلك، فإن مقترحات فرض ضرائب على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للطائرات الخاصة وفرض قيود على الرحلات القصيرة تعزز هذا الاتجاه.
من جانبها، كثفت الاتحاد الأوروبي جهوده للحد من التأثير البيئي لقطاع الطيران. حيث تم إطلاق العديد من المبادرات، مثل توسيع نظام تبادل حصص الانبعاثات (EU ETS) ليشمل جزءًا أكبر من انبعاثات قطاع الطيران. بالإضافة إلى ذلك، تشجع سياسات مثل "ReFuelEU Aviation" استخدام الوقود المستدام للطائرات. كما تلوح في الأفق مقترحات لفرض ضرائب تصاعدية على انبعاثات القطاع الجوي بهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050. هذه الجهود تظهر إرادة واضحة لدمج المعايير البيئية في تنظيم التنقل.
قد يبدو حظر الطائرات الخاصة والرحلات القصيرة في البداية قرارًا جذريًا، لكنه يبدو أكثر إلحاحًا في سياق الأزمة المناخية الحالية. إن إرساء حق التنقل المستدام، الذي يجمع بين العدالة البيئية والمستقبل الذي يعتمد على تقليل الانبعاثات الكربونية، يبدو أنه في طور التبلور من خلال المقترحات التشريعية في فرنسا والنقاشات الأوروبية الجارية. قد تؤدي الزيادة في الوعي الجماعي، المدعومة بالحركات الشعبية والقرارات السياسية الأكثر قسوة، إلى تحويل هذه المقترحات إلى واقع قانوني في المستقبل القريب.
المصادر:
الأمم المتحدة (2024)، تقرير عن انبعاثات الطيران الخاص
منظمة غرينبيس (2025)، تقرير عن الأثر المناخي للطائرات الخاصة
مشروع قانون فرنسي (2024)، مشروع حظر الرحلات الداخلية بالطائرات الخاصة
الاتحاد الأوروبي (2025)، دراسة حول ضرائب الكربون وقيود انبعاثات الطيران
منظمة العفو الدولية (2025)، تقرير عن عدم المساواة المناخية المرتبطة بالطيران